الديمقراطية هي نظام حكم يقوم على مشاركة الشعب في صنع القرار من خلال اختيار ممثليه بطريقة حرة وشفافة.
هذا النظام رغم مزاياه النظرية في تحقيق العدالة والمساواة يصبح غير فعال أو حتى مدمرًا عندما يُسلم زمام الأمور إلى سياسيين يفتقرون إلى الكفاءة أو الخبرة أو الفهم العميق لمعنى الديمقراطية وأهدافها.
لفهم هذا الأمر بصورة دقيقة يمكننا تناول عدة نقاط أساسية:
الديمقراطية والسياسي الجاهل
تعريف الجهل في السياق السياسي:
ليس الجهل هنا مجرد نقص في التعليم الأكاديمي بل يشمل الافتقار إلى المعرفة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى غياب القيم الأخلاقية والنضج الفكري.
السياسي الجاهل قد يكون شخصًا لا يدرك تعقيدات القضايا التي يواجهها أو يفتقر إلى مهارات القيادة واتخاذ القرار.
تأثيره على الديمقراطية:
السياسي الجاهل قد يستغل الديمقراطية لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية ضيقة بدلاً من تحقيق المصلحة العامة.
قد ينحرف بمسار الديمقراطية لتصبح أداة للشعبوية وإثارة الانقسامات الطائفية أو العرقية.
ضعف الثقافة السياسية للشعوب:
الديمقراطية تعتمد على وعي شعبي كبير حيث يتطلب من المواطنين فهم حقوقهم وواجباتهم واختيار ممثليهم بناءً على الكفاءة والنزاهة.
عندما يكون الشعب غير مثقف سياسياً يصبح عرضة للتضليل والخداع من قبل السياسيين الجاهلين أو الشعبويين مما يؤدي إلى انتخاب غير الأكفاء.
في المجتمعات ذات الثقافة السياسية المنخفضة يتحول التصويت إلى ممارسة عاطفية تعتمد على الانتماءات العرقية أو الطائفية أو الحزبية بدلاً من تقييم البرامج السياسية أو الخطط التنموية.
السياسي الجاهل وأضرار الحكم:
غياب الرؤية الاستراتيجية:
السياسي الجاهل لا يمتلك رؤية واضحة للمستقبل وبالتالي يُدير الأمور بطريقة ارتجالية تؤدي إلى أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية.
استغلال السلطة:
نتيجة لضعف الوعي والرقابة قد يتحول الجاهل في موقع السلطة إلى مستبد أو فاسد يستغل الديمقراطية لتعزيز نفوذه.
ضعف الأداء الحكومي:
القرارات التي يتخذها سياسي جاهل قد تكون غير مدروسة، مما يؤدي إلى تراجع التنمية تفاقم الأزمات وإضعاف المؤسسات الحكومية.
الشعبوية كنتاج للجهل السياسي:
السياسي الجاهل يميل عادة إلى الشعبوية وهي محاولة كسب رضا الشعب من خلال وعود زائفة أو إثارة المشاعر دون تقديم حلول عملية.
هذا النهج يقود إلى انحراف الديمقراطية عن مسارها الصحيح ويجعلها وسيلة لتحقيق مصالح قصيرة الأمد.
التعليم والتوعية كحلول أساسية:
لتجنب وقوع الديمقراطية في أيدي سياسيين غير أكفاء لا بد من التركيز على:
تعليم الشعب:
رفع مستوى الوعي العام بأهمية الديمقراطية ومعايير اختيار القادة.
إعداد القادة:
توفير برامج تأهيل سياسي وقانوني للأفراد الذين يرغبون في العمل في الحقل السياسي.
تمكين المؤسسات:
تقوية المؤسسات الرقابية والقضائية لضمان محاسبة السياسيين وتوجيههم.
هل الديمقراطية تصلح دائمًا؟
الديمقراطية ليست نظامًا يناسب جميع السياقات.
في المجتمعات التي تعاني من الجهل السياسي وغياب المؤسسات القوية قد يكون من الأفضل تبني نظام حكم مرحلي قائم على التكنوقراط أو حكومة انتقالية تركز على الإصلاح التعليمي والسياسي قبل تطبيق الديمقراطية الكاملة.
الديمقراطية كنظام لا تُعتبر المشكلة بل التحدي يكمن في مستوى الوعي لدى الشعوب وكفاءة السياسيين.
السياسي الجاهل يُعرّض الديمقراطية لخطر التحول إلى فوضى أو أداة لتعميق الفساد والانقسامات.
الحل يكمن في الاستثمار في التعليم، التوعية وبناء ثقافة سياسية صحيحة إلى جانب تعزيز المؤسسات لضمان تطبيق ديمقراطية حقيقية تستند إلى الكفاءة والنزاهة.