
إسرائيل بعد هجوم حماس: مارد يتجول في المنطقة
أوزدمير هرموزلو
يرى الكثير أن لحركة حماس الدور الأبرز في ما آلت إليه الظروف الإنسانية القاسية لأهالي غزة الفلسطينية، ولربما نتفق معهم، لكن الأهم أنه حتى لو لم تقم حماس بهجوم على إسرائيل، فإن الأخيرة كانت ستخلق حجّة أخرى لإبادة قطاع غزة، وهذا ما كانت تطمح إليه إسرائيل وعلى رأسها نتنياهو، وهو ما كان مبينًا في تصريحاته السابقة.
كان الإعلام العربي يروج بأن معاهدة لوزان ستنتهي عام ٢٠٢٣ وأن هنالك تغييرًا وشيكًا على الخارطة السياسية للشرق الأوسط.
بالفعل حصل ذلك، لكن معاهدة لوزان لم تنتهِ، غير أن الهجوم المباغت لحماس على إسرائيل كان الحدث الذي ينتظره الشرق الأوسط، كما كان يشير إليه الإعلام العربي. بعد هجمات حماس تحولت إسرائيل إلى مارد، وبتأييد منطلق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تجول وتصول في الدول بكل ثقة، وقتلت العديد من القيادات التي كان من الصعب الوصول إليها.
بعد سقوط نظام الأسد وهروب بشار الأسد نهاية عام ٢٠٢٤، راح الإعلام أيضًا يروج إلى أن سقوط الأسد سيكون بداية نهوض الدولة السورية واستعادة دورها الحقيقي بمساعدة دول المنطقة، لكن سرعان ما سقطت هذه الإشاعات في الماء وأصبحت إسرائيل أكثر قوة في المنطقة، إذ قامت بـ (١٠٠) غارة جوية على مواقع عسكرية سورية استراتيجية في ليلة واحدة وسط أنظار العالم العربي والإسلامي دون أن يحركوا ساكنًا.
ثم استغلت إسرائيل هذا الضعف في الدولة السورية للقيام بهجمات جوية ضد إيران استمرت حدود الأسبوعين، وحولت المجال الجوي السوري إلى شارع الرشيد الموجود في العاصمة العراقية بغداد، والذي يعد أكثر استخدامًا وازدحامًا مروريًا وسكانيًا.
لكن السؤال هنا: لِمَ انتظرت إسرائيل سقوط النظام لكي تقصف أهدافًا عسكرية سورية، في حين أنها كانت تملك القوة لاستهداف هذه الأهداف ونظام الأسد موجود؟
وفوق كل هذه الأحداث، فإن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قيادات حماس في العاصمة القطرية جعل منها القوة المهيمنة في المنطقة دون منازع، لأن استهدف دولة مثل قطر حيث تتواجد أكبر قاعدة أمريكية وقاعدة تركية، إضافة إلى أن قطر أصبحت في الفترة الأخيرة دولة تمتلك قدرة تجارية ودبلوماسية عالية المستوى، مما سمح لها باستضافة اجتماعات مهمة حول مستقبل المنطقة ولا سيما فلسطين.
يبدو أن إسرائيل مصرة على تنفيذ خطتها حول الاستحواذ على أماكن استراتيجية ومهمة في المنطقة، وأنها لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستقوم بخطوات أكبر من ذلك، سيما في المرحلة القادمة. إسرائيل تستمد قوتها من أمريكا التي تساندها بشكل غير محدود، في المقابل فإن الموقف الأوروبي بدأ يتغير وصار يميل إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في إعلان دولته، وهذا ما يجعل إسرائيل تستعجل في خطواتها العدوانية.
الأحداث التي وقعت في هذه الفترة تجعلنا نقول إن هنالك إرادة مخفية – لا نعلم مصدرها – هي التي دفعت حماس للقيام بهذه الخطوة دون دراسة لتبعاتها وتأثيرها الإقليمي، وإن إسرائيل قد أعطت الإشارة الأولية من خلال اغتيالها رئيس الحركة إسماعيل هنية في أكثر أماكنه أمنًا، في العاصمة الإيرانية طهران.
لو جمعنا ردود أفعال رؤساء الدول الإسلامية لما كانت جسورة مثل كلام مدرب المنتخب الإيطالي جاتوزو قبيل مباراته أمام المنتخب الإسرائيلي ضمن تصفيات كأس العالم.
كركوك
9.09.2025