التركمان بين التحديات والفرص!
فوزي توركر
التركمان هم المكون الثالث الاصيل في العراق. وموطنهم التاريخي (توركمن ايلي) يمتد على شريط يبدأ من قضاء تلعفر في شمال غربي الموصل إلى ناحية مندلي بمحافظة ديالى في شمال شرقي بغداد. ويتمركزون في كركوك قلب التركمان وتلعفر وطوزخورماتو وغيرها من المدن والبلدات على هذا الشريط.وعلى الرغم من ثقلهم الديموغرافي والسياسي ودورهم التاريخي في الدفاع عن العراق فان مستقبلهم لا يزال مرهونا بقدراتهم على التكيف مع المتغيرات الداخلية والإقليمية.
يواجه التركمان تحديات خطيرة منها الإنقسام المذهبي والانقسام السياسي .والانقسام المذهبي وهو الأخطر على مستقبلهم ولا تتحقق مواجهته إلا بتغليب الهوية القومية على التعصب المذهبي ،اما الانقسام السياسي فيتمثل بتعدد الأحزاب والتيارات السياسية وهو ما يضعف تمثيلهم في جميع المجالات.وهما عاملان يساهمان في إضعاف تاثير التركمان في البرلمان والحكومة وكركوك . كما وان هذان العاملان يضعفان دورهم كقوة قادرة على فرض مطالبها.
ان الصراع السياسي والاقتصادي بين العرب والاكراد حول الهيمنة على كركوك ذات الخصوصية التركمانبة والغنية بثروتها النفطية يعتبر من اكبر التحديات التي مما لا شك أنها تؤدي إلى تهميش دور هم في مدينتهم التاريخية كركوك.
ومن التحديات الاخرى التي واجهها التركمان منذ عام ٢٠٠٣
هي العنف الإرهابي والمذهبي الذي مارسه تنظيم داعش الإرهابي في تلعفر وطوزخورماتو وداقوق وبشير وتازة خورماتو وآمرلي وغيرها والذي ساهم في اضعاف البنية الاجتماعية للتركمان، وفتح الباب أمام الهجرة والنزوح الى الخارج ومناطق اخرى في العراق..
يتارجح التركمان بين نفوذ تركيا وايران.
فتركيا تعتبرالتركمان امتدادا طبيعيا لها،ولكن دعمها لهم لا يتعدى المساعدات الإنسانية
وبعض المنح الدراسية. أما ايران فانها تستغل الشيعة والتشيع لتحقيق أهدافها السياسية البعيدة المدى المتعلقة باعادة بناء الدولة الساسانية، ولذلك فانها تسعى لاستمالة الشيعة التركمان لغرض تقسيمهم والحيلولة دون ان يكون لهم أي دور فعال في العراق من جهة ولاضعاف الاهتمام التركي بهم من جهة اخرى. وبالتالي فإن التدخل التركي القليل والايراني الواسع في الشأن التركماني يضعف
استقلالية القرار السياسي للتركمان.
ورغم تلك التحديات فان للتركمان عناصر قوة يمكن لها ان تعيد لهم مكانتهم :
_للتركمان موقعا جغرافيا مهما يقع بين الإقليم الكردي ووسط العراق وغنيا بالثروة النفطية يمنحهم أهمية جيوسياسية.
_للتركمان جذور تاريخية عميقة في العراق تمتد للدولة العباسية ولعدد اخر من الدول التركية كالدولة السلجوقية والعثمانية وهو ما يعزز شرعيتهم الوطنيةفي العراق .
_اذا ما نجح التركمان في توحيد صفوفهم وكلمتهم ،فيمكن ان يصبح لهم دورا مهما في التوازنات بين العرب والاكراد،وهو ما يمنحهم وزنا تفاوضيا اكبر.
_هناك اهتمام تركي وغيرها من الدول بحماية التنوع العرقي في العراق ، وان كان الاهتمام التركي بالتركمان لا يتعدى في الوقت الحاضر المساعدات الإنسانية وبعض المنح الدراسية ،فيمكن للتركمان الاستفادة منه لصالح مشاريعهم السياسية والتنموية والامنية والتعليمية.
تعتبر الانتخابات النيابية التي ستجري
في ١١ تشرين الثاني ٢٠٢٥ الأخطر اختبارا يخوضه التركمان منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام٢٠٠٣. واذا ما وحد التركمان كلمتهم وصفوفهم ،وخاضوا الانتخابات المرتقبة بقائمة واحدة فانهم سوف يحققون مفاجاة مهمة ويضمنون تمثيلا مؤثرا في البرلمان وكركوك. ولكن ما حصل الان هو العكس،إذ ان التركمان للأسف سيخوضون هذه الانتخابات بأكثر من قائمة مع علمهم المسبق بان التجارب السابقة كانت قد أظهرت ان التشتت الانتخابي أضر بالتركمان كثيرا وحال دون أن يضمنوا تمثيلا قويا في البرلمان .ومع هذا فأن المفوضية العليا للانتخابات وان كانت قد اغلقت باب تسجيل التحالفات في ٢٢ مايس الماضي فإنه بإمكان الاحزاب التركمانية التي ستخوض الانتخابات بأكثر من قائمة، الدخول في تنسيق غير رسمي فيما بينها بهدف الحصول على أصوات اكثر تحقق تمثيلا قويا
للتركمان في البرلمان وكركوك
