كشف تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” جانباً من الساعات الأخيرة من حياة الخبير الأمني هشام الهاشمي، والذي قتله مسلحون مساء الإثنين أمام داره شرق بغداد.
ويورد التقرير الذي أعدته وكالة أسوشيتد برس وتابعه “ناس” حديثاً بين الهاشمي وبعض مقربيه، عن “مخاوفه من التعرض للاستهداف على يد فصائل مدعومة من إيران”.
ويقول التقرير، إن “المحلل العراقي والذي كان خبيرا بارزا في تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المسلحة الأخرى قتل بالرصاص في بغداد يوم الاثنين بعد تلقيه تهديدات من ميليشيات مدعومة من إيران”.
وأضاف، أن “أحد أفراد الأسرة، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، إن مسلحين على دراجة نارية فتحوا النار على هشام الهاشمي، 47 عاما، خارج منزله في منطقة زيونة ببغداد. وسمع أحد أفراد الأسرة خمس طلقات نارية”.
وأشار إلى أن “الهاشمي محللًا أمنيًا متابَعاً بشكل جيد، ظهر بشكل منتظم على شاشات التلفزيونات العراقية وكان الخبراء الحكوميون والصحفيون والباحثون يسعون للحصول على خبراته”.
ولفت إلى أنه “قبل أسابيع من مقتله، أبلغ الهاشمي مقربين منه، أنه يخشى من أن الميليشيات المدعومة من إيران تحاول التخلص منه، حيث نصحه الأصدقاء بالفرار إلى مدينة أربيل الشمالية، في المنطقة الكردية شبه المستقلة”.
وتابع، “تصدر الهاشمي كخبير في العمل الداخلي لداعش، كما قدم نصائح إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة خلال معركته التي استمرت لسنوات مع المتطرفين، وبعد أن أعلن العراق انتصاره على داعش في ديسمبر 2017، حوّل الهاشمي اهتمامه بشكل متزايد نحو الميليشيات المدعومة من إيران، التي ساعدت على هزيمة داعش، وتتمتع الآن بقوة كبيرة في البلاد، وكان من النقاد الصريحين لبعض هذه الجماعات التي لديها الآلاف من المقاتلين المدججين بالسلاح”.
انتشرت أخبار مقتله بسرعة، حيث أخذ زملاؤه الباحثون والصحفيون وغيرهم على وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن تعازيهم.
وأعربت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، جانين هنيس-بلاسخارت، عن صدمتها من الاغتيال، وقالت إن الأمم المتحدة تدين بشدة “العمل الجبان”. ودعت في تغريدة الحكومة العراقية إلى العثور بسرعة على الجناة وتقديمهم إلى العدالة.
قال السفير البريطاني في العراق، ستيفن هيكي، إنه “أصيب بحزن شديد” بسبب أنباء وفاة الهاشمي. وقال: “لقد خسر العراق أحد أفضل شخصياته- رجل عميق وشجاع”.
وقال الباحث العراقي فنر حداد إن الهاشمي “عقل لامع بشكل لافت للنظر ورجل حقيقي” ووصف موته بأنه “خسارة كبيرة وجريمة لا تغتفر”.
ورداً على سؤال حول ما قد يعنيه موت الهاشمي للمحللين الناقدين، قال: “الأصوات الناقدة عرضة للإسكات إذا –ومتى- ماكان ذلك ضرورياً”.
وقال المحلل السياسي إحسان الشمري، زميل الهاشمي، إن الذين قتلوه أرادوا “إسكات الأصوات التي لا تتفق مع رأيهم” ، وألقى باللوم على انتشار الجماعات المسلحة في البلاد.
رأى الكثيرون أن وفاته علامة مقلقة بينما تناضل الحكومة لكبح جماح الميليشيات.
وألقي باللوم على الجماعات المدعومة من إيران في سلسلة الهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت المصالح الأمريكية. وشنت السلطات في الأسبوع الماضي غارة اعتقلت خلالها 14 عضوا من جماعة كتائب حزب الله القوية في بغداد، ولكن تم الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد بعد أيام قليلة، وهو ما اعتُبر على نطاق واسع استسلاماً من قبل الحكومة.
وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان إن قوات الأمن العراقية “لن تدخر جهدا” في تعقب قتلة الهاشمي.
وقال البيان “سنعمل مع كل جهودنا لحصر السلاح بيد الدولة حتى لا ترتفع أي قوة فوق سيادة القانون”.
في بعض تغريدات الهاشمي الأخيرة قبل مقتله، انتقد الهاشمي الانقسامات المريرة في البلاد والفساد الذي يعاني منه نظامها السياسي.
وقال يوم الأحد: “لقد ضاعت حقوق ودم وكرامة العراقيين، وأموالهم ذهبت إلى جيوب السياسيين الفاسدين”.